أزمة فيروس كورونا تدفع بأسعار الذهب فوق 1700 دولار وتوقع المزيد من الصعود

تداول الذهب

لقد كان أداء الذهب خلال أزمة فيروس كورونا الأفضل بين الأصول المالية الأخرى، حيث شهد اقبالًا كبيرًا على شرائه في ظل سعى المستثمرون إلى الملاذ الآمن استجابة للمخاوف المتنامية حيال الأضرار الاقتصادية العميقة الناجمة من انتشار جائحة فيروس كورونا.

وبالرغم من ذلك كان أداؤه متقلبًا في شهر نيسان/ أبريل، حيث تراجعت أسعار تداول الذهب لفترة وجيزة قبل أن ترتفع إلى أعلي مستوياتها منذ نهاية عام 2012 متجاوزًا مستوى 1700 دولار للأونصة، ليسجل الذهب ارتفاعًا منذ بداية الشهر الجاري حتى الآن بنحو 11% مسجلًا أفضل أداء شهري منذ عام 2011.

لقد أصبح الذهب ممزق بين رغبة المستثمرين في شرائه كملاذ آمن للتحوط ضد ما يشهده العالم من اضطرابات وتدافع جنوني لبيعه للحصول على النقد بسبب الخسائر الكبيرة التي شهدتها أسواق الأسهم العالم.

إن الكارثة الصحية التي أفرزها فيروس كورونا على هذا النطاق لم يسبق لها مثيل في العالم الحديث، كما أن التداعيات الاقتصادية العالمية لا يمكن حصرها ومن المتوقع أن يحدث ركود عميق لم يشهده العالم منذ عقود، ومن غير الواضح تحديد التوقيت لانحسار هذه الأزمة المتفاقمة، فلا يزال انتشار الفيروس يتوسع ويتسبب في إحداث المزيد من الإصابات والوفيات التي تخطت مليوني شخص.

أثر تفشي الفيروس بشكل كبير على سوق الذهب، حيث أدى إلى احداث تقلبات كبيرة في الأسعار نتيجة لتخبط ردود أفعال المستثمرين مع التطورات الجديدة المتعلقة بالوباء، فمثلًا، بعدما أعلنت منظمة الصحة العالمية رسميًا عن وباء فيروس كورونا في 11 آذار/ مارس لم ترتفع أسعار الذهب على الفور كما توقع الكثيرين.

في أوقات الأزمات الاقتصادية يتدفق المستثمرون على شراء الذهب فعلي سبيل المثال، عندما حدث الركود العظيم ارتفعت أسعار الذهب وواصل ارتفاعه حتى بداية عام 2008، مع الأزمة المالية العالمية قفزت أسعاره لتقترب من 1000 دولار للأونصة قبل أن ينخفض إلى أقل من 800 دولار، ثم ارتد وارتفع مع هبوط الأسهم، وبلغ ذروته في عام 2011 حيث وصل إلى 1921 دولار للأونصة وهي الأعلى على الإطلاق، وشهد صعودًا وهبوطًا منذ ذلك الوقت، حتى بداية عام 2020 لتقفز الأسعار مرة أخرى فوق مستوى 1700 دولار.

شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا بأكثر من 15% منذ بداية هذا العام حتى الآن، ويتوقع الخبراء أن يكسر الذهب مستويات قياسية جديدة على الإطلاق ليصل عند 2000 دولار للأونصة، وذلك بسبب السيولة الضخمة التي ضخها البنك الاحتياطي الفيدرالي التي ستدعم الأصول مثل الأسهم والذهب أيضًا.

ومن جهة أخرى، أصبح من الصعب استخراج الذهب المادي وذلك بسبب إغلاق مصافي الذهب الرئيسية في جميع دول أوروبا نتيجة لإجراءات الإغلاقوالحظر التي تتخذها الحكومات التي أوقفت أغلب الأنشطة الصناعية في البلاد، وهذا بدوره أثر على حجم المعروض من الذهب الذي تقلص، في المقابل ارتفعت معدلات الطلب على شراءه من قبل المستثمرين كون الذهب الملاذ الآمن وسط حالة الاضطرابات الاقتصادية والمالية العالمية، الأمر الذي ساعد على ارتفاع أسعار الذهب.

هناك عامل آخر هام ساعد على ارتفاع الذهب وهو السياسات النقدية التي اتخذها البنك الاحتياطي الفيدرالي بسبب الأضرار الاقتصادية البالغة لفيروس كورونا، فقد قام بتخفيض أسعار الفائدة إلى مستوى الصفر، وأطلق حزمة تحفيزات نقدية هي الأوسع في تاريخه، آخرها ضخ 2.3 تريليون دولار أخرى في الاقتصاد الأمريكي للتصدي لكساده خلال الشهر الحالي، وذلك عقب بيانات طلبات إعانة البطالة الأسبوعية التي ارتفعت بشكل غير مسبوق بأكثر من ستة ملايين، الأمر الذي أثار مخاوف من ارتفاع معدل البطالة ليصل إلى أكثر من 15%.

في الشهر الماضي توقع بنك جولدمان ساكس مواصلة أسعار الذهب ارتفاعها لتصل إلى 1800 دولار للأونصة، بسبب الآثار الاقتصادية السلبية لوباء فيروس كورونا.